ما كتب عن الأمير عبد الحليم هو موجز مفيد.
ولكن ، إذا اتسع الزمن للأخوة فيما بعد ، يمكنهم أن يضيفوا الكثير..
سيجدون في كثير من المراجع ، ومن بينها كتاب (جغرافية وتاريخ السودان) لنعوم شقير تتبعه لجيش هكس باشا بناء على أوامر المهدي. وسيجد تفاصيل محاربته في جيش ود النجومي. وقد كان وكيلاً له. كما سيجد حديثاً عنه في واقعة أرجين في 2 يوليو 1889م والتي جرح فيها كما أورد نعوم شقير نقلاً عن رسالة ود النجومي للخليفة عبد الله. حيث قال في ص (1112) وجرح من أمرائهم عبد الحليم مساعد. وإضافة لماهو مثبت بالفهرس ، تحدث شقير عن الأمير عبد الحليم في الصفحات 719 و 1105 وغيرها من الصفحات. وفي كتاب (محررات عبد الرحمن النجومي) تحقيق الدكتور أبو سليم كثير من مخاطبات الأمير عبد الحليم والتي تكشف الكثير عن شخصيته ولعل من بينها الاندفاع للقتال رغم تحذير الأمير عبد الرحمن النجومي له في عدة رسائل.
ودفن الأمير عبد الحليم ، يرحمه الله ، شمال دنقلا.
وفي الموقع ختم الحديث عنه بأنه جد كل من الدكتور طبيب عبد الحليم محمد عبد الحليم والسيد محمد أحمد المحجوب رئيس الوزراء الأسبق.
قلت: أما أنه جد الأول فواضح من الاسم. وهو جد الثاني لأمه فاطمة. ولقد رثاها محجوب بقصيدة رقيقة أسماها (بنت الأمير) ومطلعها: أمي العزيزة لا تجيب ندائي***وعهدتها تبكي لمر بكائي
وفي تقديري ، أن محجوباً ، يرحمه الله ، قصد أن يجاري ربما أحسن قصيدة قيلت في رثاء الأم ، وهي قصيدة الشريف الرضي ومطلعها: أبكيك لو نقع الغليل بكائي *** وَأقُولُ لَوْ ذَهَبَ المَقالُ بدائي
وفي تصدير قصيدة محجوب ، إنها (رثاء فاطمة بنت عبد الحليم). بينما صدرت قصيدة الشريف الرضي بأنها (يرثي والدته فاطمة بنت الناصر) فتأمل!.
قال محجوب: ذهب الرجاء ولم أكن مترقباً***آي العزاء وقد فقدت عزائي وقال الرضي: وَأعُوذُ بالصّبْرِ الجَميلِ تَعَزّياً*** لَوْ كَانَ بالصّبْرِ الجَميلِ عَزائي
قال محجوب: لو كان كل نسائنا في حزمها***فخرت عشائرنا بخير نساء وقال الرضي: لو كان مثلك كل أم برة***غني البنون بها عن الآباء
قال محجوب: بنت الأمير وأخت فرسان الوغى***وسليلة الأمجاد والعلماء وقال الرضي: آباؤك الغر الذين تفجرت***بهم ينابيع من النعماء
وقال محجوب: من زينوا الدنيا وجاهد قرمهم***يوم الطعان وصال في الأعداء الباذلين حياتهم لبلادهم***والباذلين المال للفقراء كم واحد منهم يعلم غيره***كيف الفداء يكون يوم فداء وقال الرضي: من ناصر للحق أو داعِ إلى***سبل الهدى أو كاشف الغماء من كل مستبق اليدين إلى الندى***مسدد الأقوال والآراء درجوا على أثر القرون وخلفوا***طرقا معبدة من العلياء
قال محجوب: وطفقت أبكي بالدموع ولم أكن***أبكي لفقد أو نزول بلاء وقال الرضي: يا قبر! أمنحه الهوى وأود لو***نزفت عليه دموع كل سماء
وكما أسلفنا ، قال محجوب في المطلع: أمي العزيزة لا تجيب ندائي***وعهدتها تبكي لمر بكائي وقال: رحماك يا أمي فلست بواجد***هذا الهناء وأنت كل هنائي وقال الرضي: فبأي كف أستجن واتقي***صرف النوائب أم بأي دعاء ومن الممول لي ، إذا ضاقت يدي***ومن المعلل لي من الأدواء ومن الذي إذا ساورتني نكبة***كان الموقي لي من الأسواء
قال محجوب: لكنني أسعى وأخلص جاهداً***لأشيد مجدك في أعز سماء وقال الرضي: شهد الخلائق أنها لنجيبة***بدليل من ولدت من نجباء
قال محجوب: أماه قد حم القضاء وليتني*** كنت الفداء لمن تود فدائي في يوم نعيك قد فقدت شجاعتي***وفقدت صبري واضمحل رجائي وقال الرضي: ذخرت لنا الذكر الجميل إذا انقضى***ما يذخر الآباء للأبناء قد كنت آمل أن يكون أمامها***يومي وتشفق أن تكون ورائي
قال محجوب: والجود فيك سجية موروثة***قد عز عن منِ وعن إيذاء قد طفت بالركن الحطيم وزمزم***وسجدت للرحمان عند حراء وبكيت في قبر النبي محمد***شوقاً لرب القبة الخضراء الله يعلم أن حبك صادق***لله والمختار غير رياء وقال الرضي: معروفك السامي أنيسك ، كلما***ورد الظلام بوحشة الغبراء وضياء ما قدمته من صالح***لك في الدجى بدل من الأضواء إن الذي أرضاه فعلك لا يزل***ترضيك رحمته صباح مساء صلى عليك ، وما فقدت صلاته***قبل الردى ، وجزاك أي جزاء
يرحم الله الجميع.
|